«سيدتي الجميلة لا تحزني سوف تحصلين على مجوهرات ذهبية بأثمان رخيصة، وافرحي أيتها الشابة، سوف تكتمل مراسم زفافك وتحظين بشبكة معتبرة، تتنوع فيها الموديلات الذهبية حسب أحدث الماركات الشهيرة».
هذا الكلام ليس من قبيل المزاح أو الدعابة، وإنما حقيقة يؤكدها غزو الذهب الصيني الأسواق بغزارة، حيث قلب موازين العرض والطلب، بخاصة بعد الارتفاع المطرد للذهب في الأسواق العالمية، وأصبح الخبراء لا يعرفون متى سيتعافى الذهب من ارتفاع درجة حرارته ويعود إلى نصابه.
هذا الارتفاع لم يعرقل الاقتصاد فحسب، بل ايضا المقبلات على الزواج والباحثات عن الأناقة مما دفع الصين صاحبة الحلول الجبارة دائما إلى إغراق السوق بالذهب الصيني، والذي غدا عملة موثوقا فيها ليس للادخار ولكن للزينة والخروج من مأزق الشبكة التي تعد شبحا يهدد المقبلين على الزواج اليوم.
والطريف أنه رغم انخفاض سعر قطعة الذهب الصيني المتقنة جدا والمسايرة لأرقى خطوط الموضة إلا انك أيضا في بعض المحلات تأخذ معها شهادة ضمان قد تصل إلى عشر سنوات.
لكن ما حقيقة الذهب الصيني، وهل هو ذهب من عيار ضعيف، أم هو إكسسوار تم طلاؤه، وما هي طرق صيانته والحفاظ عليه؟.
أكرم حبيب أحد مستوردي الذهب الصيني في مصر يقول إن لفظ ذهب أطلق عليه فقط لأنه شبيه بالذهب من حيث اللون والملمس، وتشابه الموديلات، لكنه في الحقيقة يتكون من معدن النحاس وتقوم المصانع الموجودة في الصين بتحويله إلى قطع ذهبية.
وهذا ابتكار وفن خاص في صناعة المجوهرات، بعد ان نجحوا في تحويل النحاس إلى أشكال وألوان المجوهرات الذهبية التي لا تستطيع أن تفرقها عن الأصلية إلا عند فحص الدمغة.
ويوضح أكرم أنه يتم تصميم قطع النحاس على شكل خاتم أو إسورة أو عقد أو سلسلة، جميع مفردات الذهب بلا استثناء، وبعد ذلك تمر بمرحلة الطلاء بلون الذهب عيار 18، ومن مرحلة الطلاء نمر على مرحلة الرش والفرن لتثبيت اللون الأصفر على القطعة المنتجة، ولهذا أطلقوا عليه الذهب الصيني، مع أنه في حقيقة الأمر إكسسوارات فقط.
وتكمن قيمته في الموديلات والتصميم واللون المطابق للذهب الأصلي مما أدى في بداية انتشار الذهب الصيني إلى الكثير من حالات الغش.
فقد قام بعض أصحاب المحلات بعرضه على أنه ذهب حقيقي وساعدهم على ذلك أن هناك قطعا كانت تحمل الدمغة عيار 18، ولكن هذه ليست دمغة وإنما مجرد علامة على أنها مرت بمرحلة الطلاء الخاصة بالعيار 18، ما جعل مصلحة الدمغة والموازين تكثف حملاتها لحماية المستهلك ورفضت بشكل قطعي بيعه بالجرام، حتى لا يكون هناك أي غش ومن يفعل هذا يتعرض للمساءلة القانونية.
ويؤكد أكرم أن الذهب الصيني كان وما زال وسيلة لأية فتاة تحلم أن تقتني أحدث خطوط الموضة من المجوهرات، خاصة تلك التي يدخل فيها الجلد والأحجار النصف كريمة، والكريستال، ويتم محاسبة المشتري لها بأسعار الذهب فهناك بعض القطع لا يتعدى فيها وزن جرامات الذهب أصابع اليد الواحدة، لكن يصبح الوزن الفعلي لها عشرات الجرامات مع دخول باقي الخامات، فكأن الذهب الصيني في هذه الحالة العصا السحرية للفتيات اللواتي يعشقن التغير والتميز.
يضيف أكرم:«من غير المعقول مع الأحوال الاقتصادية أن تجد الكثيرات ممن يشترين مجوهرات تتماشى مع موضة الملابس، وهناك العديد من المذيعات والفنانات ممن يشترينه ليس فقط للظهور على الشاشة بل للاستعمال الخاص.
وأذكر أن فنانة حضرت إلي ومعها كتالوج لإحدى الماركات المشهورة، وطلبت عددا من القطع والأطقم منه، وعندما أحضرتها لها لم تصدق أنها تقليد وقالت لي إنها لو اشترت كل هذه الأشياء من مصدرها الأصلي كان يجب أن تبيع سيارتها لتسديد ثمنها».
انتشر الذهب الصيني في مصر مع مطلع عام 2007 وكانت الموديلات الموجودة منه تنحصر فقط في الأساور، وكانت تباع على أنها قطع من الاستنليس، بسعر يصل كحد أدنى إلى نحو سبعين جنيها مصريا، وذلك لأنها لا تفقد لونها إلا بعد فترة زمنية طويلة تصل إلى عامين.
وفي فترة قصيرة انتشرت باقي الموديلات للذهب الصيني لتشمل خواتم الزواج والشبكة وقد أدهش الجميع هذا الانتشار والقبول لدى النساء على الرغم من أنه في البداية كانت الأسعار مرتفعة.
ويؤكد أكرم أنه سرعان ما انهارت هذه الأسعار ويعود السبب في ذلك إلى الصين ذاتها، لأنها بلد صناعية عظيمة تستطيع أن تصنع من الموديل أكثر من خامة، وهذا بناء على طلب التجار والمستوردين للذهب الصيني.
وينصح أكرم كل من تريد أن تقتنى قطعة من الذهب الصيني، سواء كانت مصرية أو زائرة، أن تحرص على أن تكون من مصدر موثوق منه حتى تأخذ واحدة ذات جودة عالية وتراعي أن تحمل هذه العلامة كدمغة لها «xp & JH »، وهي علامة ميزت بها بعض الشركات المنتج ذي الجودة والطلاء العالي.
ويلفت أيضا النظر إلى أن هناك بعض المحلات ذات السمعة الجيدة تعطي مع المنتج شهادة ضمان لعدد من السنوات، لكن هذا لا يعتبر أنها يمكن أن تباع من جديد كالذهب ولكنها ضمان لجودة المنتج فقط فيما لو تعرض للتلف.
وحول كيفية الصيانة والحفاظ على المولود الذهبي الصيني الجديد، ينصح أكرم كل سيدة تود أن تحافظ على لون المنتج لأطول وقت ممكن بعدم رشه بالعطر أو أي نوع من «الإسبراي» أو الكريمات وحتى الصابون، لأن كل هذه الأشياء بداخلها مواد تتفاعل مع اللون الأصفر، وتعطي لونا ابيض أو أسود على حسب التفاعل.
كما يجب أن تحفظ القطع في صندوق خاص بعد الاستخدام وملفوفة في منديل ورق «كلينكس»، أو قطعة قطن حتى لا تتعرض لأكسدة العوامل الجوية مع الوقت.
كذلك تجنب محاولة الضغط على الأساور أو الخواتم للتعديل من شكلها إذا تعرضت لصدمة أفقدتها استدارتها لأنها ستكون معرضة للكسر، لأنها مصنوعة من معدن صلب سهل الكسر، وليس سهل التطويع مثل الذهب.
ومن جانبها تقول مصممة الحلي وهاد سمير: أنا أرفض أن يطلق عليه كلمة ذهب حتى لا يختلط الأمر على السامع وندخل في جدل كبير حوله، وما إذا كان ذهبا من عيار 14أو 12، لأنه ليس هكذا إطلاقا، بل هو مجرد إكسسوار قيم يمكن بالمحافظة عليه أن يعيش فترة طويلة خاصة أن تشطيبه راق وطلاؤه متقن.
وأهم ميزاته إنه رخيص وربحه كبير لمن يتاجر فيه، وأصبح حلا للشباب اليوم لأن بعض العرسان أصبح يشتري الخواتم وباقي الشبكة من الصيني للتباهي أمام الأهل.
وقد شجع نجاحه بعض الورش المصرية على تنفيذ الفكرة داخل مصر وهذا بالتأكيد سينعش السوق ويخلق منافسة لصالح المشتري.